آخر الأخبار

القطاع الطبي في ريف الرقة الشرقي.. خطوة إلى الأمام وخطوات إلى الوراء

نهر ميديا-الرقة

يشهد القطاع الصحي في ريف الرقة الشرقي تراجعاً ملحوظاً، بعد أن كان شبه مقبول، بسبب توقف عدد من المنظمات الإنسانية عن دعم القطاع الطبي، وعدم مبادرة هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية لتقديم الدعم لهذا القطاع المهم.

وتعاني الأرياف بشكل عام من غياب تام للمرافق الطبية التي تلبي حاجة الأهالي، فالكل مجبر إلى الذهاب إلى المدينة لتلقي العلاج عن طريق المشفى الوطني في الرقة، فهي الوحيدة التي تقوم بالمعاينة والعلاج بالمجان، إلا أن عملها اقتصر مؤخراً على الحالات الإسعافية فقط، فقد أصبحت المشفى عبارة عن “عيادة تمريضية لا أكثر”.

حيث انتشرت مؤخراً عدة أمراض، أولها وأهمها الحصبة لدى الأطفال، ويعود سبب انتشارها نتيجة اللقاحات الفاسدة، بحسب أطباء أطفال.
كما تم تسجيل عدد من حالات مرض الكوليرا في الريف الشرقي ولم ينتهي هذا المرض من الانتشار حتى اليوم، ويقول العديد من الذين أصيبوا بهذا المرض أن السبب الرئيسي هو مياه الشرب “غير الصالحة للشرب”، حيث يترتب على الكثيرين شراء مياه الصحة “المعقمة”، فيما حيد الكثيرون عنها لغلاء سعرها حيث سجل الطرد الواحد 24 ألف ل.س. 

يقول عدد ممن زاروا المستوصف الطبي في بلدة الكرامة، أنّ الخدمات شبه معدومة والأدوية المقدمة هي “بروفين فقط” وفي حال يحتاج المريض إلى أي علاج آخر على المواطن إحضاره من الخارج على نفقته الخاصة.

وفي هذا السياق تحدث آخرون، حول آلية عمل المستوصفات، أي أن العاملون بصفة أطباء هم إما فنيي تخدير أو مخبريين أو ممرضين لا أكثر، وليسوا أطباء، وفي السؤال لماذا لا يعمل أطباء مختصون في المستوصفات أو حتى في المشفى الوطني؟ كان الجواب الوحيد هو “يوميتي بالعيادة أفضل من راتب شهر بالمستوصف”.

وقال م.ع وهو اسم مستعار لشاب من ريف بلدة الكرامة: “قبل عدة أيام تعرضت للدغة عقرب سام أثناء النوم، في وقت متأخر من الليل، وعلى الفور سارعت للحصور على العلاج الخاص باللدغات؛ قبل انتشار السم في جسدي، لكن مع الأسف وجدت الأبواب مغلقة بالكامل”، وأضاف؛ “لم يعد أمامي سوى الذهاب إلى مشفى الرقة الوطني التي تبعد أكثر من 40 كم، وبعد مضي أكثر ثلاث ساعات على اللدغة تمكنت من الوصول إلى المشفى وأخذ العقار المطلوب”.

وتابع، بعد يومين من الحادثة ألتقيت أحد العاملين في المستوصف وفي السؤال، لماذا لم تفتحوا لي الباب؟ أجاب “بأي عين نفتح لك الأبواب ونحن لا نمتلك حتى قطعة ضماد”.

أما عن أصحاب الأمراض المزمنة كمرضى (السكر والربو) وغيرها، فهم مجبرين على القدوم إلى مركز “أطباء بلا حدود” الواقع في حي المشلب شرقي الرقة؛ لجلب العلاج اللازم لهم.

وفي هذا السياق تحدثت الستينية “خاتون السعدو”، المصابة بداء السكري، وهي من قرية ضبعة شرقي الرقة، وقالت “في كل موعد أذهب إلى حي المشلب لإحضار الأدوية المطلوبة وفي بعض الأحيان يتم تأجيلي إلى أسبوع آخر لعدم توفر العلاج”.

وأشارت إلى أنّ تكاليف المواصلات، للحصول على العلاج تكاد تساوي ثمنه، ففي حال ذهبت اكثر من مرة إلى مركز أطباء بلا حدود فأن الأجور تصبح أغلى من الأدوية في الصيدليات الخاصة.

أما عن بقية الخدمات التي توفرها المستوصفات، مثل لقاح الأطفال، فقد يتوفر بين الحين والآخر، وفي بعض الأيام إن لم يكن لديك أي “واسطة” بمعنى معرفة بأحد أفراد المستوصف ستبقى قيد الانتظار حتى يأتي دورك بعد يوم أو اثنين، أو العذر الذي اصبح معروف لدى الكثيرين “خلص اللقاح”.

تعتبر الصيدلية مثابة الوجهة الرئيسية للمواطن السوري بكل مكان، بسبب ما يترتب على المريض من رسوم في حال قرر الذهاب إلى طبيب مختص، حيث سجلت المعاينة 50 ألف بشكل وسطي، وهذا ما يدفع الصيدلي للعب دور الطبيب بهذه الحالة.
وتنتشر الصيدليات على طول الطريق الواصل بين الرقة ودير الزور والتي تقدر ب100 صيدلية، والجدير بالذكر أن 10% من يحملون شهادة الصيدلة، والبقية يمتهنونها مهنة رابحة، وفي حال قدوم أي شخص إلى صيدلية يقوم العامل في الصيدلية بتشخيص حالة المريض ووصف العلاج، بعيداً عن تحذيرات الأطباء أو الاكتراث إلى مخاطر الخطأ.

فيما تنتشر ظاهرة تأجير بعض خريجي الصيدلة شهاداتهم لأشخاص لا علاقة لهم بالمهنة، ولا يملكون أدنى معرفة طبية، مقابل مبالغ محددة، وذلك لأسباب عدة، منها عدم قدرتهم على توفير تكاليف فتح الصيدليات، ورفضهم تأدية الخدمة الإلزامية الخاصة بالصيادلة.

ويعمل الصيادلة بطريقة “كل من يغني على ليله”، فيقول “سعيد العلي” النازح من مدينة دير الزور؛ “تختلف أسعار الأدوية من صيدلية إلى أخرى بمعدل الضّعف أو أكثر من الضّعف أحياناً، حيث لا يوجد أي رقابة تموينية لضبط الأسعار، أو الكشف عن الأدوية منتهية الصلاحية”.

وفي جولة لشبكة نهر ميديا على  بعض الصيدليات في منطقة الحمرات شرقي الرقة، وفي سؤال لبعض أصحاب الصيدليات عن تركيبة الأدوية أو طريقة الاستعمال، أو حتى عن الأضرار الجانبية والاستطباب، تهرب الكثيرين من الإجابة، وفضلوا عدم الرد على الأسئلة بحجة أن الخبير بالأدوية غير موجود ويمكنكم العودة في وقت لاحق.

كما أن هناك عدد من الذين يمتهنون الصيدلة، عندما تدخل الصيدلية تجد بها عشرة علب دواء فقط، وهؤلاء الدخلاء على المهنة أصبحوا معروفين من قبل الأهالي، حيث افتتحوا الصيدليات من أجل الترويج للمخدرات عن طريقها، أو بيع الأدوية المحضورة من البيع دون وصفة طبية، أمثال الـ “ترامادول” وغيرها.

بإمكانك البحث أيضاً عن،

“الحاج عسكر” يرفض مطلب أهالي البوكمال.. ما القصة؟

نهر ميديا – دير الزور طالب وجهاء من عشيرة الحسون (إحدى عشائر قبيلة العقيدات)، وعلى …