نهر ميديا – متابعات
خلّفت الدعوات التي أطلقتها سفارات النظام السوري في الدول الأوربية، للمغتربين السوريين، بالتبرع لمساعدة شرائح المجتمع السوري الأكثر تضرراً، من الإجراءات المتخذة للتصدي لفيروس “كورونا”، موجات من الجدل والسخرية بين السوريين، واصفين ذلك بـ”التسوّل العلني”.
الحديث المتفاعل عن نشاط مالي مستجد للسفارات السورية في أوروبا، وتزامنه مع سريان قانون العقوبات الأميركي “قيصر”، دفع إلى التشكيك في نزاهة هذه المبادرات، والهدف من إطلاقها.
ومن وجهة نظر عدد من السوريين، فإن المبادرات هذه لا تخرج عن إطار التحايل والالتفاف على “قيصر” من جانب النظام السوري، وهو ما أشار إليه الصحافي السوري، بسام يوسف.
وقال يوسف ل”المدن”، إن “ما يبعث على الريبة، أن المبادرات هذه تعتمد على التبرعات المباشرة، وليس عبر حسابات بنكية، وهذا ما يؤكد المؤكد، حيث يُعدّ النظام لأن يحول سفاراته إلى طرق لتحويل الأموال الكاش إليه سراً، بعد أن منع قانون قيصر ذلك بالطرق المعروفة”.وأضاف يوسف أن النظام يعمل على إعطاء النشاط المالي المستجد لسفاراته صورة إنسانية، وذلك للتحايل على العقوبات الأميركية الجديدة.
وحول مصادر هذه الأموال، قال الصحافي المقيم في أوروبا: “هناك مصادر متعددة لهذه الأموال، ولا يخفى على أحد أن النظام يمتلك شبكات اقتصادية شبيهة بالمافيا، مهمتها تأمين القطع الأجنبي له، من دون النظر إلى شرعية عملها”. وأضاف أنه “من الواضح أن نقل هذه الأموال عبر البنوك من خلال حسابات لأشخاص مغمورين، بات أمراً صعباً للغاية، ومن هنا جاءت فكرة العمل تحت غطاء إنساني، وربما دبلوماسي”.
الطرح الذي قدمه يوسف قد تكون دونه بعض العقبات، إذ يؤكد عضو اللجنة الدستورية، والدبلوماسي السوري السابق، بشار الحاج علي، أن الإجراءات الدبلوماسية والعُرف المعمول به، لا يعطي لسفارات النظام المجال لنقل الأموال نقداً إلى سوريا.
وفي حديثه ل”المدن”، يعيدنا الحاج علي الذي كان يشغل منصب القائم بأعمال السفارة السورية في الكويت، إلى العام 2011، العام الذي شهد فرض قيود إضافية على سفارات النظام السوري، بسبب قمع الأخير للحراك السلمي ضده حيث لم يعد بالإمكان تحويل الأموال إلى دمشق، عبر الحساب البنكي للسفارة، والأمر ذاته اليوم، ويبدو أكثر تعقيداً مع سريان قانون قيصر”.
وحول إمكانية نقل الأموال (الكاش) بالحقائب الدبلوماسية إلى دمشق، استبعد الدبلوماسي هذا الأمر، موضحاً أنه “لم تعد الحقائب الدبلوماسية تُنقل باليد كما كان سابقاً، وإنما يتم شحنها بعد عرضها على أجهزة الفحص الآلية في المطارات”.
وتابع: “يُسمح للسفير أو للقائم بأعمال السفارة فقط، بأن يقوم بإرسال حقيبة صغيرة تحتوي على أوراق، من دون أن يتم تفتيشها، لكن بشرط إبلاغ سلطات البلاد المُضيفة بمحتوياتها ومواصفاتها ووزنها (ظرف مختوم يحتوي على أوراق سرية)”.
وطبقاً للدبلوماسي السابق، فإن النظام يتطلع من خلال هذه المبادرات التي تأتي تحت عناوين “إنسانية”، لزيادة تعاطف الرأي العام الغربي والمحلي معه. وقال: “النظام يريد أن يلقي باللائمة على العقوبات”. وأضاف أن “النظام يستثمر كل شيء لصالحه، فهو يريد إيصال رسالة للعالم، أنه يعاني بشكل مضاف نتيجة وباء كورونا، إلى جانب العقوبات الأميركية والغربية”.
مصطفى محمد “المدن”