نهر ميديا-دير الزور
ألقت الأزمة الاقتصادية التي تضرب سوريا عموماً ودير الزور على وجه الخصوص بضلالها على مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية من دير الزور (شرق الفرات).
فمن البطالة المنتشرة والارتفاع المتزايد بمؤشرها، إلى ارتفاع الدولار أمام الليرة السورية ووصوله إلى مستويات تاريخية.
من المؤكد أن ارتفاع الدولار انعكس سلباً على قدرة المواطن في أرياف دير الزور ووضعه المعيشي، وبخاصة الموظفين، حيث لا يتجاوز متوسط راتب الموظف في دوائر الإدارة الذاتية بدير الزور 60 دولاراً، وإذا ما تمت مقارنة الدخل اليومي بالصرف اليومي كحد أدنى فهو لا يكفي لنصف الشهر فقط، بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار والذي ضرب جميع القطاعات ابتداءً بالمواد الغذائية ووصولاً لقطاع الصحة (ارتفاع الأدوية والاستشارات الطبية وأسعار العمليات الجراحية )، كما زادت أسعار المياه والتي من المفترض أن تكون شبه مجانية، حيث ارتفع سعر برميل المياه إلى 2000 ل.س، ما أدى لعجز في القدرة الشرائية للمواطن.
بحسب دراسة بسيطة أجرتها شبكة نهر ميديا في بعض القرى والبلدات في ريف دير الزور الشمالي، فإنّ النسبة الأكبر من الأشخاص القادرين على تأمين حوائجهم الشهرية هي لذوي الدخل المحدود والذين يعتمدون على عمل يومي وأجور تتراوح بين (10.000- 25.000) لكن بعمل متقطع معظم الأحيان، وهذا يعتبر تحدٍ كبير ومشكلة في غالب أوقات الشهر، حيث يضطر المواطن إلى تنفيذ خطة اقتصادية عنوانها التقشف، للعبور في الشهر إلى نهايته دون وجود نقص كبير في الحاجات الأساسية.
وبحسب الدراسة فإنّ نسبة صغيرة تعتمد بشكل كبير على معيل يكون مهاجر إما في إحدى الدول الأوروبية أو دول الخليج العربي، حيث يكون معيلاً بشكل مباشر لعائلة واحدة أو أكثر، عن طريق تحويل مبالغ مالية شهرية.
بشكل عام اعتاد الأهالي في أرياف دير الزور على عملية ارتفاع الأسعار الممتالية، حتى بات شيئاً مألوفاً، لذلك فقد انتهج البعض طرقاً لمحاولة التغلب على الأزمة التي يخلفها ارتفاع الأسعار، أو حتى الخروج بأقل الخسائر من معركته مع الأسعار، فبعض العائلات يؤمنون المواد الغذائية الأساسية بالجملة بسبب فروق الأسعار، وبعض العائلات بدأت تقصد المواد التي تباع في الأسواق الشعبية والتي تكون تقليدية إلى حد كبير مع أسعار منخفضة نوعا ما.
وإذا ما تناولنا موضوع الألبسة، فقد أصبحت الألبسة المستعملة “البالة” حلاً أساسياً لمشكلة تأمين اللباس بسبب رخص أسعاره مقارنة بأسعار الألبسة الجديدة، مع ارتفاع جودتها مقارنة بالألبسة المحلية.
مع خطط التقشف التي بدأت العوائل بتطبيقها مع ارتفاع الأسعار، شهدت بعض المواد الغذائية انخفاضاً كبيراً بالمبيعات كالمعلبات بشكل عام (تونا، سردين، جبنة، المربى والحلاوة) بالإضافة للفواكه واللحوم وزيت الزيتون.
في حين كثر الطلب على بعض المواد التي تعتبر أساسية في المنازل كالبقوليات (أرز عادي، شعيرية، معكرونة، زعتر، والزيت العادي).
بعد ارتفاع أسعار المواد بشكل عام اتجه القسم الأكبر من الأهالي (ذوي الدخل المحدود) إلى شراء المواد الأكثر ضرورة والابتعاد عن المواد الأخرى.
وبمقارنة بسيطة بين أسعار المواد الغذائية بين العام الماضي واليوم بالليرة السورية كانت هذه الأرقام، السكر (قديم 25000 جديد 39200) شاي (1كغ قديم 28000 جديد 42000) مرتديلا (قديم 900 جديد 1500) تونا (قديم 2500 جديد 4500)
أندومي (قديم 1000 جديد 1500)
زعتر (قديم 3500 جديد 4500)
زيت 4 لتر (قديم 21000 جديد 33500)
كيس طحين 50 كغ (قديم 75000 جديد 120000) طبق بيض (قديم 9500 جديد 14500) أرز عادي (قديم 1000 جديد 2500) أرز كبسة (قديم 4500 جديد 7500).
اللافت في الأمر، أنّه مع كل ارتفاع لصرف الدولار أمام الليرة السورية تطرأ زيادة مباشرة على أسعار المواد الغذائية، ولا تنخفض تلك الأسعار مع انخفاض الدولار، بحجة دائمة للتجار أنّه تم شراءها بالليرة السورية.
رغم جميع محاولات دائرة التموين في الإدارة الذاتية لضبط الأسعار وتوحيدها، إلا أنّ التغيير المستمر أسعار صرف الدولار يشكل عقبة أمام تلك المحاولات، إضافة لعدم التزام عدد كبير من التجار وأصحاب المحلات بالتسعيرة التي يتم وضعها من قبل دوريات التموين ورفع الأسعار بشكل دائم، لتحقيق أرباح إضافية على حساب المواطن.