نهر ميديا-دير الزور
لايكترث أطراف الصراع في دير الزور لما حلّ ويحلّ بالأهالي وعلى وجه الخصوص المهجّرين وبصورة خاصة أكثر العوائل التي لديها مصابين جراء الحرب التي أتت على البشر والحجر هناك.
عائلة مهدي الطفل الصغير الذي خسر أطرافه السفلية بقصف قوات الأسد والمليشيات الإيرانية على منزلهم في بلدة حطلة، هي إحدى العوائل التي أضحت فريسة للمرض والنزوح والحاجة والفقر.
بذاك الصاروخ الغادر، فقد مهدي أطرافه السفلية وبترت يد أخيه محمد وتوفي أخاهم الثالث، لتنزح العائلة بعد الحادثة إلى قرية جديد بكارة شرقي دير الزور، بحثاً عن ملاذٍ آمن.
منذ ذلك الحين، يعيش مهدي وأخيه المصاب في كنف أختان هما من تبقى من عائلته، يعملنّ في إنتاج اللِبن الذي يستخدم في البناء، وهي من الأعمال التي ترهق الرجال فكيف هو الحال بالنساء، ليعلنّ إخوانهما المصابان.
يقول “مهدي” لنهر ميديا:
“منذ ست سنوات كنا نتدفئ حول المدفأة مساءً في منزلنا في بلدة حطلة، لنتفاجئ بانفجار ضخم وسط غرفتنا، قالوا لنا لاحقاً أنه صاروخ ضخم أطلقته قوات الأسد وانفجر بمنزلنا”
وأضاف:
“في ذلك الانفجار، قُتل أخي وبترت قدماي ويد أخي محمد، وبعد الحادثة نقلتنا أختينا إلى دار في جديد بكّارة لتحميانا من قذائف الأسد”
وختم كلامه بقوله:
“من بعد الإصابة تغيرت حياتي، فاضطررت لترك المدرسة لأنها بعيدة عن منزلي والوصول إليها مرهق بشكل كبير، أتمنى أن أحصل على أطراف اصطناعية لأعود إلى مدرستي وأكمل تعليمي وأتمكن من قضاء حوائجي بشكل أفضل”
في مقر النزوح الجديد، يعيش مهدي وماتبقى من عائلته ظروف معيشية صعبة، إذ يغيب المعيل، وتلعب دوره امرأتان هما أخوات مهدي، تقول “صبحة” الأخت الكبرى لمهدي:
“في تلك الحادثة، أصبح منزلنا على الأرض، وأصبت على إثرها بمرض السكري فقررت اصطحابهم إلى مكانٍ أكثر أمان واستقر بنا المقام في هذا المنزل في بلدة جديد بكارة”
وتضيف:
“المنزل دون أبواب أو شبابيك، ومحرومون من أدنى الحقوق ومقومات الحياة، أضطر أن أعمل أنا وأختي ويعيننا أخانا محمد بيد واحدة، لنستطيع الاستمرار في هذه الحياة، لانملك شيئاً ونحتاج الكثير والحمدلله، نحلم بالعودة إلى بلدتنا حطلة ونعيد بناء منزلنا ونعيش فيه”
حلم النازحين على مختلف ظروفهم، هو العودة إلى بلداتهم وقراهم ومدنهم، لكن وجود نظام الأسد والمليشيات الإيرانية يحول دون ذلك.
تنتظر عائلات مصابي الحرب العون من أي طرف فاعل على الأرض، سواء منظمات عاملة في المجال الإنسانية، أو من المسؤولين عن المنطقة، إلاّ أنّ الكثير منهم لازالوا على قيد الانتظار.