آخر الأخبار

من المحلبية إلى زعامة “تنظيم الدولة”.. من هو أبو إبراهيم الهاشمي القرشي؟

المصدر: تلفزيون سوريا

على الرغم من انحسار أخبار “تنظيم الدولة“، منذ إعلان هزيمته رسمياً نهاية العام 2017، ومقتل زعيمه أبو بكر البغدادي في تشرين الأول من العام 2019، إلا أن التقارير الأميركية الرسمية تشير إلى وجود آلاف المقاتلين والخلايا التي ينشط من خلالها التنظيم، فضلاً عن قدرات واضحة على التحرك والمناورة، وهذا ما تجلّى في هجومه الأخير على سجن الصناعة في مدينة الحسكة، الذي يُحتجز فيه الآلاف من مقاتليه.
ولم تلبث أن انتهت أحداث سجن الصناعة، حتى أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، اليوم الخميس، مقتل زعيم التنظيم، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، في عملية للقوات الأميركية شمال غربي سوريا.
فمن هو أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، وكيف وصل إلى قيادة التنظيم؟

عربي أم تركماني؟

ولد أمير محمد سعيد عبد الرحمن السلبي المولى، والمعروف باسم عبد الله قرداش، في بلدة المحلبية التابعة لمحافظة نينوى في العام 1976، ونشأ في كنف عائلة متدينة، حيث كان والده مؤذناً وخطيباً في مسجد الفرقان في مدينة الموصل، وله سبعة إخوة وتسع أخوات من والدته وزوجة أخرى لأبيه.
تقول بعض المصادر إن عبد الله قرداش تركماني القومية، وهذا ما تشير إليه كلمة “قرداش”، والتي تعني “الأخ” باللغة التركمانية، وهو الأمر الذي سبب جدلاً كبيراً داخل أوساط التنظيم بشأن قرار البغدادي باختيار قرداش خليفة له، وأحقيته بالمنصب، وفق تقرير أعده مراسل شبكة “BBC” في العراق فراس كيلاني.
إلا أن قرداش يؤكد أصله العربي، الأمر الذي دفعه لتثبيت نسبه العربي منذ أن كان في الموصل في العام 2015، عن طريق نسّاب توفي لاحقاً، وفق تقرير “BBC”.
درس قرداش في إعدادية تلعفر للبنين، ثم التحق بكلية الإمام الأعظم في مدينة الموصل، وتخرج منها بمعدل ممتاز بتخصص التربية الإسلامية وعلوم القرآن في العام 2000، لتعينه وزارة الأوقاف العراقية خطيباً لجامع عجيل الياور وسط مدينة تلعفر.
 بداية مبكّرة مع التنظيمات الجهادية

ونقل تقرير “BBC” عن مسؤول استخباري عراقي قوله إن قرداش توجّه بعد تخرجه من الجامعة لأداء خدمته العسكرية لمدة عام ونصف، حيث خدم عند أطراف مدينة بغداد.
ويضيف أن رحلته مع التنظيمات الجهادية بدأت منذ ذلك الحين، أي قبل سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين، حيث تواصل مع جماعة “أنصار الإسلام” السلفية الجهادية في كردستان العراق، عن طريق عبد الرحمن مصطفى القادولي، المعروف باسم أبو علاء العفري أو أبو علي الأنباري.
ويوضح المصدر الاستخباري أن قرداش “كُلّف حينذاك بتأسيس معهد في كلية الإمام الأعظم في مدينة الموصل، لإعداد القضاة ورجال الدين، وهو منصب في غاية الأهمية بالنسبة للتنظيم للحفاظ على استمرارية فكره”.
ووفق المصادر الاستخبارية، فإن قرداش كان مواظباً على الوجود في المعهد، ويلقي محاضرات أسبوعية للقضاة ورجال الدين الذين يطلق عليهم التنظيم اسم “الشرعيين”.
في العام 2001، انضم قرداش إلى حركة “الجهاد السلفي”، وغادر إلى أفغانستان للتدريب على السلاح وتلقي الدروس، وعاد للعراق بعد ستة أشهر، إلا أن أجهزة الأمن في عهد صدام حسين ألقت القبض عليه وأطلقت سراحه بعد 17 يوماً.
بعد سقوط نظام صدام حسين، انضم قرداش إلى “تنظيم القاعدة”، وبايعه في العام 2004، وكان يعمل في إصدار الفتاوى وتخريج الأمور الشرعية، وعقب سيطرة القوات الأمنية على مدينة تلعفر هرب إلى مدينة الموصل، حيث استقر هناك وتسلّم منصب المسؤول الشرعي للتنظيم في الجانب الأيسر للموصل.
في الموصل، تدرّج قرداش في المناصب الشرعية والإدارية، وأصبح أحد أعضاء مجلس شورى التنظيم، خاصة بعد حصوله على الماجستير في الدراسات الإسلامية، ومقتل أبو مصعب الزرقاوي وإعلان خليفته أبو عمر البغدادي إقامة “دولة العراق الإسلامية”.
 وفق تقرير “BBC”، فإنه في العام 2007، تسلم قرداش منصب “الشرعي العام” في الموصل، وهو منصب كبير تمتد مهامه لكثير من تفاصيل الحياة الدينية والقضائية، كما تسلّم لفترة وجيزة نائب أمير الموصل قبل أن يتفرغ مجدداً لمنصبه السابق “الشرعي العام”.
يشير التقرير إلى أن قوة أميركية دهمت موقع قرداش في الموصل واعتقلته، وأودعته سجن بوكا في البصرة جنوبي العراق، ومنح الرقم 326175، وفق سجلات الاستخبارات العراقية، وخلافاً لما يُعتقد، لم يتلق قرداش بأبي بكر البغدادي في هذا السجن، إذ كان البغدادي قد أطلق سراحه بعد فترة اعتقال قصيرة انتهت في العام 2004.
في حين تؤكد مصادر أخرى أن القوات الأميركية ألقت القبض على قرداش في العام 2006، وأودعته في سجن بوكا حيث التقى البغدادي هناك، قبل أن يطلق سراحه بعد نحو ثلاث سنوات ليعود إلى الموصل.
 خضع قرداش لتحقيقات أميركية مكثفة طوال أشهر، بقي خلالها مصراً على أنه انضم للتنظيم في آذار من العام 2007 وليس قبل ذلك، ويؤكد أنه كُلف بمنصب “الشرعي العام” فور التحاقه، بالإضافة لتعيينه نائباً لأمير الموصل في العام نفسه، وفق مراسل “BBC” الذي اطلع على سجلات التحقيقات.

هل كان قرداش واشياً؟

بعد اتفاق الولايات المتحدة والعراق في العام 2009، المعروف باسم “صوفا”، الذي وضع سقفاً زمنياً لانسحاب القوات الأميركية من العراق، وتسليم المعتقلين، إلى الحكومة العراقية، أطلق سراح قرداش ضمن ترتيبات مبهمة.
وفي نيسان الماضي كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، في تقرير لها، أن قرداش كان سجيناً متعاوناً مع سجانيه الأميركيين، وفي بعض الأحيان، يبذل قصارى جهده ليكون مفيداً، خاصة عندما تُعرض عليه فرصة الإبلاغ عن منافسين له داخل التنظيم.
وقدّم قرداش، على مدار عدة أيام من الاستجواب، معلومات سرية ودقيقة حول كيفية العثور على المقر السري للجناح الإعلامي للتنظيم، وصولاً إلى لون الباب الأمامي، والأوقات التي سيتم فيها استعمال المقر.
وأشار التقرير إلى أن قرداش كان له دور كبير في مقتل الرجل الثاني في التنظيم الملقب بأبي قسورة، وهو سويدي من أصل مغربي، إذ حدد للأميركيين مكان المجمع الذي يقيم فيه، وأعطاهم اسم الشخص الذي يحمل له الرسائل، وهو ما مكّن الجنود الأميركيين من استهدافه وقتله في مدينة الموصل بعد أسابيع قليلة من حصولهم على المعلومات.
وفي إحدى الحالات، اطلع المسؤولون الأميركيون على دفتره الشخصي، وهو دفتر ملاحظات أسود صودر منه، عندما تم القبض عليه، حتى إنه وفي إحدى الجلسات أشار إلى أرقام 19 هاتفاً من مسؤولي التنظيم، بل وكشف عن مقدار الأموال التي حصل عليها بعضهم، وفق ما ذكر في التقرير.
وأشارت الوثائق إلى أن قرداش تعاون كذلك مع القوات الأميركية في رسم تخطيطي لأماكن وجود كبار المشتبه فيهم بتهم الإرهاب، وتحديداً المطاعم والمقاهي، حيث فضّل رفاقه السابقون تناول العشاء.
ونقلت “واشنطن بوست” عن مساعد وزير الدفاع للعمليات الخاصة والصراعات ذات الوتيرة المنخفضة، كريستوفر ماير قوله إن قرداش “كشف عدداً من الأسرار لإنقاذ حياته، وكان لديه سجل طويل من العداء تجاه الأجانب في داعش”.
علاقة متينة مع البغدادي

وتشير مصادر التقرير الاستخبارية إلى أن قرداش فور خروجه من السجن التحق بأبي بكر البغدادي، الذي كان قد تسلّم زعامة التنظيم بعد مقتل أبو عمر البغدادي، ليعمل مجدداً كـ “شرعي” في محافظة نينوى العراقية.
وشهدت تلك الفترة إعادة بناء التنظيم بعد الانسحاب الأميركي، حيث نجح في اجتذاب كثير من العناصر الجدد، مستغلاً توتر الأوضاع في العراق، بعد قمع حكومة نوري المالكي للتظاهرات في المناطق السنية، وكذلك الفراغ الأمني الذي تسببت به الثورة في سوريا، وخروج مساحات واسعة عن سيطرة نظام الأسد في المنطقة المحاذية للحدود مع العراق.
بعد العام 2014، كان قرداش أول من استقبل أبا بكر البغدادي في الموصل، ثم تولى بعد ذلك قيادة مناطق شرقي الفرات من العراق وسوريا، ثم تسلم منصب “أمير ديوان الأمن العام”، ثم وزيراً لديوان “الجند”، والدواوين الأربعة عشر الأخرى.
كما تحدثت تقارير عن إدارة قرداش لملف المفاوضات بين “تنظيم الدولة” والحكومة التركية المتعلق بموظفي القنصلية التركية الذين احتجزهم التنظيم في الموصل، حيث قام بنقلهم بنفسه من الموصل إلى أن وصلوا إلى تركيا.
ارتبط قرداش بعلاقة متينة مع أبي بكر البغدادي، امتدت لنحو 13 عاماً، وظهر إلى جانبه في مقطع فيديو بثّه التنظيم في نيسان من العام 2019، وأكدت تقارير الاستخبارات أنه كان يدير التنظيم فعلياً حتى قبل مقتل البغدادي في تشرين الأول من العام 2019، وهو معروف في أوساط التنظيم أنه صاحب فكر ودراية كاملة بكل مفاصل التنظيم.
 وفي آب من العام 2019، أعلن “تنظيم الدولة” أن أبا بكر البغدادي رشّح عبد الله قرداش خليفة بعد موته، وهو ما حصل عندما قامت قوة أميركية بعملية إنزال في ريف مدينة إدلب، وقتلت البغدادي، وأصبح أبو إبراهيم الهاشمي القرشي زعيماً للتنظيم.
 

بإمكانك البحث أيضاً عن،

مصادر خاصة لنهر ميديا: حلّ ميليشيا محلية في الميادين وقائدها يعود إلى السوق

نهر ميديا-دير الزور علمت شبكة نهر ميديا، من مصادر خاصة، أنّ ميليشيا “فوج السيدة زينب” …