شهدت الأيام القليلة الماضية، توتراً سياسيّاً خليجياً-لبنانياً غير مسبوق، على أعقاب تصريحات سياسة أدلى بها وزير الإعلام اللبناني الحالي “جورج قرداحي” في برنامج يحمل اسم “برلمان شعب” تستند فكرته على استضافة مسؤول عربي في كل حلقة، ضمن برلمان عربي افتراضي فيه برلمانيين “افتراضيين” شباب من غالبية الأقطار العربية.
الحلقة التي كان ضيفها الإعلامي اللبناني الشهير ووزير الإعلام اللبناني “جورج قرداحي” كانت انطلاقة لأزمة سياسية خليجية-لبنانية، بسبب التصريحات القديمة-الحديثة التي أدلها بها “القرداحي” المعروف بقربه من حلف (الممانعة والمقاومة) المتمثل بإيران وحسن نصرالله ونظام الأسد، حول الأحداث العربية.
جاءت أجوبة “القرداحي” المباشرة وغير الدبلوماسية على خلاف مايهوى حكّام الخليج ورؤسائهم، وعلى رأسهم حكام السعودية والإمارات.
الحلقة التي بُثت على موقع يوتيوب، حملت في طياتها اعترافات قديمة-حديثة للقرداحي، أقرب ماتكون بالوقحة والمستفزة للشعب السوري الحرّ الذي ثار على نظام الأسد وعصبته منذ عام 2011 وإلى يومنا هذا، إذ أنّ “القرداحي” المعروف بمواقفه المؤيدة لنظام الأسد، جدد إعجابه بإجرام “الأسد” وطريقته بالتعامل مع الثوار من قتل وتنكيل وتغييب قسري على مدار العشر سنين الماضية، بل وأكد هذا الاعجاب، باختياره لرأس النظام المجرم “بشار الأسد” كشخصية العام في سنة 2018، على ما ارتكبه من جرائم بحق الشعب الأعزل للحفاظ على كرسي الحكم.
إلا أنّه في حقيقة الأمر، كل هذه التصريحات القرداحية والتغزّل ببشار الأسد وإجرامه، لم تحرك ساكناً لدى حكام وأمراء ورؤساء العرب، ولو أنه اكتفى بهذا التصريحات، لمرت الحلقة مرور الكرام على قادة الوطن العربي، إذ أنّ تصريحاته هذه بما يخص القضية السورية هي ليست جديدة، إنما هو-أي القرداحي-جدد قناعته بكل أفكاره المسمومة حول نظام الأسد، إلا أنّ الشعرة التي قصمت ظهر البعير الخليجي، واستنفرت حكامه لحصد أغصان الأرز اللبناني، كانت تصريح للقرداحي تمثّل بإجابة على أحد الأسئلة من البرلمانيين الشباب، بما يخص القضية اليمنية وعلى وجه الخصوص “الحوثيين”، حيث اعتبر “القرداحي” أنّ الحوثيين يدافعون عن أنفسهم، ولا يعتدون على أحد، متجاهلاً الهجمات الصاروخية التي يطلقها الحوثيين بين الحين والآخر على مدنٍ سعودية، وهو ما أثار حفيظة حكّام الخليج وأخرج الفارس العربي من دواخلهم ودفعهم لاتخاذ مواقف سياسية بدأتها المملكة العربية السعودية بطرد السفير اللبناني وسحب سفيرها، لحقتها دولة البحرين خلال أقل من 24 ساعة، لتتهافت المواقف السياسية بعدها منددة بتطاول “القرداحي” على دول التعاون الخليجي، واعتبار الحوثيون أصحاب قضية.
من خلال هذا السرد، أو ما تقدم من كلمات، كانت نقلاً لأحداث وقعت بالفعل، يبتعد عنها الرأي الشخصي، يمكننا الوصول إلى قناعة لا تشوبها شائبة، دعّمتها الأحداث والتطورات السياسية خلال السنوات القليلة الماضية، وهي أنّ الموقف الخليجي الحالي من تصريحات الوزير “القرداحي” لم تبنى على اعتبارات سياسية أو مدنية يتم من خلالها تفنيد الباطل ونصرة الحق، وهذا ما تدعمه إعادة تطبيع العلاقات الناعم في الآونة الأخيرة بين ملوك الخليج ونظام الأسد ومن خلفه حزب الله وصولاً لإيران، إنما هو حفاظاً على البريستيج الخليجي الذي اتحذته السعودية والإمارات زياً لها في العقود الأخيرة، والمتمثل بمحور ممانعة ومقاومة آخر ضد إيران ومليشياتها.
ربما كانت مواقفنا كثوار سوريين من التصعيد الخليجي الأخير ضد الوزير الشبيح “جورج قرداحي”، تجتمع على دعم هذا الموقف، لتعرية ومحاسبة شخصية عربية معروفة، كانت تستر تحت شهرتها بمواقف إجرامية مؤيدة لسفاح العصر “بشار الأسد”، إلى أنها أيضاً تجتمع على تأكيد العتب على أشقائنا حكام الخليج الذين تلونوا بمواقفهم واتجهوا إلى التطبيع مع النظام المجرم في آخر السنوات.
بإمكانك البحث أيضاً عن،
اجتماع بين “إدارة العمليات العسكرية” وسلطات عراقية في البوكمال.. ما المخرجات؟
نهر ميديا – دير الزور اجتمع أمس “الثلاثاء”، عدد من قادة “إدارة العمليات العسكرية” مع …