نهر ميديا – متابعات
“عصبة الثائرين” و”أصحاب الكهف” و”قبضة المهدي” ثلاث مجموعات بدأ يتم تداول أسمائها في الإعلام مؤخرا بعد تهديدها أو تبنيها لهجمات استهدفت قواعد عسكرية عراقية تضم عناصر من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في العراق.
لم تكن هذه المجموعات معروفة من قبل على الساحة العراقية سواء قبل عام 2003 أو بعده، وظهرت بعد تصاعد حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران على خلفية مقتل قاسم سليماني في ضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد في يناير الماضي.
ووفقا لمسؤول استخباراتي رفيع المستوى تحدث لموقع “الحرة” فإن “جميع عناصر هذه التشكيلات كانوا ينتمون لميليشيات رئيسية موالية لإيران في العراق، وهي كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وحركة النجباء”.
ويؤكد المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن “اعتماد هذا التكتيك الجديد من قبل الجماعات المسلحة يهدف لتجنب الرد الانتقامي من قبل القوات الأميركية في حال تم قصف القواعد التي تضم عناصر من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في العراق”.
ويرى مراقبون أن هذه الجماعات المسلحة الجديدة غير معروفة الهوية تظهر تحولا في استراتيجية إيران في العراق.
ويقول المحلل السياسي هيوا عثمان إن “القضية باتت واضحة، فهذه التشكيلات التي لم نسمع عنها في السابق مصنوعة في إيران”.
ويضيف لموقع الحرة أن “الهدف منها معروف أيضا، وهو زعزعزة ما تبقى من استقرار في العراق، من خلال استدراج القوات الأميركية إلى المواجهة مع إيران والموالين لها على الأراضي العراقية”.
ورغم تشكيكه بحقيقة وجودها على الأرض يرى عثمان أن “الرد الأميركي على هذه المسميات التي لا نعرف أصلا ما إذا كانت موجودة فعلا، يجب أن يكون في إيران وليس في العراق”.
كان الظهور الأول لهذه الجماعات ومن أبرزها عصبة الثائرين في 15 مارس الماضي، عندما تبنت في تسجيل فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي حينها، الهجوم على معسكر التاجي يوم 11 مارس، وأسفر عن مقتل جنديين أميركيين، ومجندة بريطانية، وإصابة آخرين من قوات التحالف الدولي.
وذكرت المجموعة أن العملية جاءت ردا على مقتل القيادي في ميليشيا كتائب حزب الله أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني.
وكثفت المجموعات الموالية لطهران هجماتها ضد المصالح الأميركية في العراق خلال الأشهر الستة الأخيرة، بينها هجمات صاروخية عدة، استهدفت السفارة الأميركية في بغداد وقواعد عسكرية وحقول نفط تضم شركات نفطية أميركية.
وفي رد على هذه الهجمات، نشرت الولايات المتحدة في أبريل أنظمة دفاع جوي لحماية قواعد عسكرية في العراق تضم جنودا أميركيين ومن التحالف الدولي، كانت قد تعرضت في السابق لهجمات صاروخية شنتها إيران وميليشيات موالية لها.
تضمنت هذه الأنظمة بطاريات صواريخ باتريوت الدفاعية تم نشرها في قاعدتي عين الأسد في الأنبار وقاعدة عسكرية في أربيل، فضلا عن منظومتين أخريتين قصيرتي المدى وضعت أحداها في معسكر التاجي شمال بغداد.
وأكد مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية للحرة في وقت سابق أن نشر هذه الأنطمة أثر على مخططات الجماعات المسلحة المدعومة من إيران التي تستهدف المصالح الأميركية في العراق.
وأضاف أن “المعلومات الأمنية المتوافرة لا تستبعد بأن تلجأ هذه المجموعات إلى إعادة إحياء تكتيكات وأساليب العصابات أو ما يعرف بفرق الموت وحرب حركات التمرد، وذلك من خلال محاولات شن عمليات تحمل طابع مجموعات التطرف العنيف”.
وحذر تقرير نشرته مجلة “إيكونوميست” البريطانية في العاشر من هذا الشهر من أن مسألة انهيار العراق باتت مسألة وقت في حال لم يتخذ القادة السياسيون العراقيون خطوات إصلاحية حازمة، بما في ذلك الحد من نفوذ الجماعات الموالية لإيران.
وسلط التقرير في حينه الضوء على مجموعة من العوامل والمعطيات التي تعزز هذا التوجه، سواء كانت اقتصادية أو أمنية أو سياسية أو حتى اجتماعية، محذرا من ظهور ميليشيات في العراق تعمل وفق رؤيتها الخاصة، وأن هناك دلائل على وجود مشاكل داخل الميليشيات، حيث تتصرف الجماعات المنشقة وكأنها عصابات إجرامية.
ويعتقد المحلل السياسي هيوا عثمان أن “نجاح أو فشل الاستراتيجية الإيرانية الجديدة في العراق يعتمد بشكل أساسي على العراقيين أنفسهم ومدى ردة فعل القوى السياسية العراقية على الميليشيات الوهمية التي ظهرت مؤخرا”.
ويختتم عثمان بالقول إن “القوى السياسية العراقية بحاجة إلى موقف حازم وقوي لكبح جماح الميليشيات الخاضعة لطهران، بما فيها المليشيات الوهمية، لمنعها من تحويل البلاد لساحة صراع مع الولايات المتحدة”.
ويمر العراق بفترة ركود سياسي منذ عدة أشهر بعد تعثر محاولات تشكيل وزارة جديدة جديدة خلفا لحكومة عادل عبد المهدي الذي استقال في ديسمبر الماضي علةى وقع الاحتجاجات الشعبية.
وفي التاسع من هذا الشهر تم تكليف رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي بتشكيل حكومة جديدة بعد فشل مرشحين هما محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي في جمع الدعم الكافي لمساعيهما في البرلمان العراقي.
وعكس رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، لا يتمتع الكاظمي بعلاقات طيبة مع الميليشيات والقوى الموالية لإيران، التي سبق وأن اتهمته بلعب دور في عملية مقتل سليماني والمهندس.
وكان الكاظمي تعهد في أول كلمة له بعد تكليفه بحصر السلاح بيد الدولة، وضمان أن تقوم المؤسسات العسكرية والأمنية بمختلف صنوفها، الجيش والشرطة والحشد الشعبي والبيشمركة، ستقوم بواجبها لمنع انفلات السلاح”.
المصدر: قناة الحرة