نهر ميديا _ تقرير
كثفت خلايا تنظيم “داعش”، من نشاطها في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية في شرق الفرات خاصة محافظة ديرالزور، حيث تشهد تلك المناطق عمليات شبه يومية، تستهدف عناصر قوات “قسد”، والمتعاونين معها في المجال المدني والتجاري.
توجه تنظيم “داعش”، للعمل الأمني، جاء مع السيطرة على مخيم الباغوز في آذار 2019، حيث سعى التنظيم لإيجاد مساحة لعمل يبقي على حضوره في المنطقة، ما دفعه للتوجه إلى استراتيجية “الولايات الأمنية”.
وتقوم استراتيجية “الولايات الأمنية”، على تفعيل خلايا سرية تقوم بعمليات استهداف للأطراف المعادية للتنظيم، قوام تلك الخلايا، عناصر مبايعين للتنظيم كان قد أعدهم في فترات سابقة ولم يكشف عنهم، يضاف لهم عناصر من التنظيم استسلموا وأعلنوا تبرؤهم منه، لكنهم لازالوا يقدمون الدعم لهذه العمليات.
أعمال تنظيم “داعش” الأمنية، بدأت مع تفجير انتحاري في مطعم يرتاده جنود أمريكيون وقادة من “قسد”، في 16 كانون الثاني/ يناير 2019، ما أسقط 4 قتلى أمريكيين، تلاها بأقل من أسبوع، هجوم انتحاري على قافلة للجيش الأمريكي، في منطقة الـ 47 بالشدادي جنوب محافظة الحسكة، قتل فيه 5 عناصر من “قسد” وجرح جنديان أمريكيان، ثم عمليات اغتيال طالت قادة من مجلس ديرالزور العسكري.
منذ مطلع عام 2020، ازدادت عمليات تنظيم “داعش” الأمنية، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ انهيار آخر معاقله شرق ديرالزور مطلع عام 2019، هذه العمليات تنوعت طرق تنفيذها، من الهجمات المباشرة على الحواجز والدوريات، إلى عمليات الاغتيال لعناصر محددة أو متعاونين مع قوات “قسد”، وزراعة العبوات الناسفة أو الآليات المفخخة في طرق مرور العناصر المستهدفة من قبل التنظيم.
نشاط التنظيم في مناطق شرق الفرات لم يقتصر على نقاط جغرافية محددة، بل سعى التنظيم ليشمل جميع تلك المناطق في محافظات الرقة والحسكة وديرالزور، وأن كانت المناطق المسيطر عليها من “قسد” في ديرالزور، تشهد أكثر العمليات الأمنية لـ “داعش”، خاصة مناطق ريف ديرالزور الشرقي، وبالتحديد المنطقة الممتدة بين مدينتي الصور والبصيرة وصولاً لبلدات الزر والحوايج والشحيل ودرنج.
عمليات ” داعش” لم تقتصر على العنصر العسكري المقاتل، بل تطورت مؤخراً لتشمل الجهات المدنية العاملة مع “قسد”، كـ المجالس المدنية المسؤولة عن توفير الخدمات الأساسية، والشخصيات المحلية العاملة في “الكومين”، أي موظفي الإدارة الذاتية في الأحياء والحارات ممن يقومون بوظيفة “المختار” التقليدية”، كما طالت تلك العمليات مدنيين ليسوا على ارتباط بأي طرف من أطراف الصراع.
حيث قتل 69 مدنياً على يد خلايا تنظيم “داعش”، منذ آذار 2019 وحتى شهر أيار 2020، بينهم 6 أطفال و3 سيدات، توزعوا على ثلاث محافظات ديرالزور 42 ضحية، الرقة 26، والحسكة ضحية واحدة، جميع هؤلاء الضحايا من المدنيين، الذين لا تربطهم بأطراف الصراح الحالية أية روابط.
أن عماد خلايا تنظيم “داعش”، العاملة في شرق الفرات، هو العنصر المحلي المنحدر من تلك المناطق، وممن كان على علاقة سابقة بالتنظيم، حيث تكشف الحملات الأمنية للتحالف الدولي و “قسد”، التي تطال تلك الخلايا، أن معظم هؤلاء من السوريين.
خلايا التنظيم الأمنية، يشرف على عملها وإدارتها عناصر أجنبية، تمكنت من الاختفاء في مناطق عمل التنظيم، أو تمكنت من العودة لها بعد هروبها منها في فترة تقدم التحالف الدولي وحلفائه في المرحلة الأولى التي تلت عملية السيطرة، ومعظم الشخصيات المشرفة على عمل تلك الخلايا من الأجانب هم شخصيات عراقية.
ففي السادس من أيار/ مايو الحالي، نفذ التحالف الدولي و “قسد”، عملية أنزال في بلدة الزر بريف ديرالزور الشرقي، استهدفت خلايا من تنظيم “داعش”، العملية أسفرت عن مقتل عنصرين من التنظيم قاما بتفجير نفسيهما، وهما من الجنسية العراقية، فيما ألقي القبض على شخص عراقي كان يدير عمل خلايا التنظيم في ريف ديرالزور.
وفي 17 أيار/ مايو الحال، نفذ التحالف الدولي، عملية إنزال في مدينة البصيرة شرق ديرالزور، العملية أسفرت عم مقتل شخصين، الأول أحمد عيسى إسماعيل الزاوي والي شمال بغداد في “داعش”، والثاني أحمد عبد محمد حسن الجغيفي المسؤول اللوجستي لداعش والمسؤول عن تأمين الاسلحة والذخائر
عمل خلايا تنظيم “داعش”، لم يعد يقتصر على استهداف العنصر المعادي له عسكرياُ والمرتبط بالتحالف و “قسد”، ففي الفترة الأخيرة تطور عمل تلك الخلايا، ليشمل التدخل في الشؤون المجتمعية للسكان المحليين، حيث بدأت تمارس عمليات ضبط داخل تلك المجتمعات، مثل اصدار قرارات بمنع بيع التبغ وتقديم النرجيلة في المقاهي، وعمليات اغتيال طالت أشخاص قال التنظيم أنهم يمارسون “السحر”، بحجة مخالفة تلك الأعمال للدين الإسلامي، إضافة لفرض “الزكاة” على التجار وأصحاب الأموال.
في مطلع شهر أبريل/ مايو الحالي، قام عناصر تتبع لـ “داعش”، باستهداف حسن غنام العصمان 50 عاماً، من أهالي بلدة الصبحة، امام منزله، ما تسبب بمقتله على الفور وإصابة زوجته، التنظيم برر عملية الاستهداف، بعودة العصمان للممارسة السحر والشعوذة، بالرغم من تقديمه “استتابة”، إبان سيطرة التنظيم على ديرالزور عام 2014، وسبق عملية اغتيال العصمان، اغتيال كلاً من غربي الصبيخان والسيدة أم علي من أهالي بلدتي درنج وسويدان جزيرة، من قبل عناصر التنظيم لذات السبب.
بالرغم من نشاط خلايا “داعش” الواسع، إلا أن هناك عمليات يتم تنفيذها من أطراف أخرى، مستغلتاً حالة التوجه العام إلى أتهام التنظيم في الوقوف وراء كل عملية تحصل في المنطقة، ومن الأطراف التي تستغل تلك الحالة، النظام السوري والمليشيات الإيرانية، التي تهدف لخلق حالة عدم استقرار بالمنطقة، في مساعي بعيدة لمحاولة تأليب الرأي العام المحلي، ودفعه للتوجه إلى النظام لتأمين وضع مستقر في تلك المناطق، كما تشهد المنطقة حالات اغتيال وقتل نتيجة خلافات عشائرية وشخصية، إضافة لعمليات تصفية تقوم بها جهات داخل قوات “قسد”، تعود أسبابها للحالة التنافسية بين تلك القيادات على السلطة والمال.
قوات سوريا الديمقراطية، تمكنت خلال العام الأخير، من إلقاء القبض على عدد من الخلايا التابعة للنظام السوري، كانت تقف وراء عدد من عمليات التفجير التي حصلت في ديرالزور والرقة، كان آخرها القبض على خلية للنظام في منطقة الشعيطات، بريف ديرالزور الشرقي، في مارس 2020، أعترف أفرادها بتنفيذ عدد من التفجيرات بينها تفجير دراجة مفخخة في بلدة أبو حمام، تسببت بمقتل طفل وجرح 3 مدنيين آخرين، وسبقها بأشهر اعتقال خلية مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، كانت تخطط لعمليات استهداف حقول النفط والغاز في محافظة ديرالزور.